CSR Middle East, CSR dedicated platform with 3.555 corporate members in the Middle East.

خبراء يدعون لتجاوز مفهوم العمل الخيري في رمضان إلى نهج المسؤولية الاجتماعية المستدامة

في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعانيها الأردنيون من شرائح مختلفة؛ خصوصا ذوي الدخل المحدود، ومع استمرار التأثيرات السلبية لظاهرتي البطالة والفقر على المجتمع، تظهر جلياً أهمية برامج المسؤولية الاجتماعية لشركات القطاع الخاص التي تنفذها منفردة أو بالشراكة مع القطاع العام، خصوصاً أن هذا المفهوم نشأ أصلاً لملامسة وتغطية احتياجات المجتمعات المحلية ومشاركة الشركات لهموم الناس ومشاكلهم.
وعلى الشركات أن لا تتبنّى برامج المسؤولية الاجتماعية للمجتمع وكأنها عبء عليها، بل يجب أن تنظر إليها كواجب يمليه عليها واجبها في المساهمة في التنمية الاقتصادية وكشكل من أشكال ردّ الجميل للمجتمع الذي أسهم في تطور أعمالها وتشكيل أرباحها.
ومن جهة أخرى، يجب أن تركّز شركات القطاع الخاص بمختلف أطيافها على المبادرات والمشاريع التي تحدث تأثيراً طويل المدى في المجتمع أو حياة الفرد الاجتماعية والاقتصادية، فليس أفضل من أن تمس برامج المسؤولية الاجتماعية قضايا البطالة والفقر والمساعدة على تحويل المشاريع الريادية الى إنتاجية، فضلاً عن أهميتها في دخولها قطاعات التعليم والصحة وتوفير المسكن.
"الغد" تحاول في زاوية جديدة أن تتناول حالات لبرامج، أو تعدّ تقارير إخبارية ومقابلات تتضمّن المفاهيم الحقيقية للمسؤولية الاجتماعية لشركات من قطاعات اقتصادية مختلفة تعمل في السوق المحلية.

رغم ما يجمع العمل الخيري والمسؤولية الاجتماعية لشركات القطاع الخاص من دوافع مشتركة نابعة من المبادئ الأخلاقية وعمل الخير للمجتمعات المحلية ومساعدتها في سد احتياجاتها الأساسية، يفرق الخبراء بين الاثنين، داعين الشركات الى تبني الخيار الثاني الذي يندرج تحت نهج الاستدامة والاستمرارية ويحقّق أهدافا كبيرة بعيدة المدى من التنمية الاقتصادية والاجتماعية في بلد يفتقر الى الكثير من الموارد الطبيعية. 
في رمضان الحالي، وكعادتها في كل سنة، تسابقت شركات القطاع الخاص بمختلف حجومها، ومن القطاعات الاقتصادية كافة، الى تنفيذ أعمال خيرية وبرامج ومبادرات مسؤولية اجتماعية، بما ينسجم مع أجواء الشهر الفضيل الرحمانية، عندما جهدت كل منها للتميّز ببرامجها الرمضانية التي توزعت بين التبرعات المالية، وتفطير الصائمين، والأسر الفقيرة العفيفة، ومساعدة المحتاجين، والتواصل مع فئة الأيتام، وغيرها من شرائح المجتمع، وهو المشهد الذي يؤكد الخبراء أهميته لضمان تكافل المجتمع وتلاحمه، إلا أن الخبراء دعوا الشركات لمواصلة هذه الأعمال أو ابتكار أخرى بعد رمضان وطوال السنة وكل بحسب مقدرته تحت نهج أو استراتيجية مستدامة للمسؤولية الاجتماعية. 
وأكدوا أن المسؤولية الاجتماعية ليست "عملا موسمياً"، وهي تختلف في الأهداف والتأثيرات الإيجابية الكبيرة بعيدة المدى عن العمل الخيري أو التبرع المالي الآني، مشيرين الى ان المسؤولية الاجتماعية تحت نهج الاستدامة يجب ان تنبثق من استراتيجية ورسالة الشركة، لتكون أساساً حقيقيا للتنمية الاقتصادية الاجتماعية المستدامة التي تعم خيراتها على كل الأطراف؛ الفرد، المجتمع، الحكومات، الاقتصاد، والشركات والمؤسسات. 
مدير تكية أم علي محمود الشريف قال في حديث خاص لـ "الغد" إن الأعمال الخيرية والتبرعات من شركات القطاع الخاص خلال شهر رمضان هي مهمة، ولكن الأهم تبني برامج مسؤولية اجتماعية ونهج استدامة يتضمن العديد من المبادرات المتواصلة طيلة شهور السنة، مؤكدا أهمية ان تنظر الشركات الى المسؤولية الاجتماعية والاستدامة على انها استثمار طويل الأمد سيعود بفوائد عظيمة على المدى الطويل لكل أطراف المعادلة والاقتصاد بشكل عام. 
ومن واقع تعاون التكية مع العديد من شركات القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني لمكافحة الجوع والفقر، قال الشريف إن هذه الشركات تتعاون مع الجمعية في ثلاثة مستويات؛ أولها تمكين الجمعية من عملها من خلال تقديم خدمات فنية أو لوجستية تمكن الجمعية من الوصول الى أهدافها من الأسر العفيفة الفقيرة، وتقديم التبرعات المالية، فيما يتمثل المستوى الثالث بمشاركة هذه الشركات واندماجها وموظفيها بتطوعهم وجهدهم ووقتهم للقيام بنشاطات الجمعية وأعمالها، مؤكداً بان الشركات التي تتبنى نهج الاستدامة غالباً ما تحاول الجمع بين المستويات الثلاثة السابقة وعدم تحديد مسؤوليتها الاجتماعية بالتبرع المالي فقط، فضلاً عن تميزها بالاستمرار في دعمها وبرامجها طوال السنة بالتعاون مع التكية أو غيرها من المؤسسات التي تنخرط في العمل المجتمعي.  وأشار الشريف إلى أن الوصول الى مبدأ الاستدامة يعتمد على الرؤية الاستراتيجية لشركات القطاع الخاص وللجمعيات أو مؤسسات المجتمع المدني العاملة في هذا المضمار؛ بحيث تصمّم برامج مسؤولية اجتماعية ومبادرات خيرية لا تقتصر على رمضان وتشمل كل شهور السنة وتستمر لسنوات. 
على ذلك أكدت الخبيرة في مجال المسؤولية الاجتماعية الدكتورة منى هندية، وقالت يجب ان نفرق بين مفهوم العمل الخيري والتبرع ومفهوم المسؤولية الاجتماعية ونهج الاستدامة، موضحة بان المفهوم الأول على أهميته في رمضان أو غيره من شهور السنة فهو يحمل تأثير قصير المدى، فيما يذهب تأثير المفهوم الثاني الى مرحلة طويلة الأمد وجميع أطراف المعادلة الاقتصادية.  وقالت هندية إن المسؤولية الاجتماعية يجب ان تنبثق من استراتيجية الشركة ورسالتها، وتشمل برامج ومبادرات تمس كل من له علاقة بالشركة أو المؤسسة من موظفين، ومجتمعات محلية، بيئة داخلية وخارجية، عملاء، كما يجب ان تنفذ بناء على خطة توضع من بداية العام وتنفذ طيلة شهور السنة بما فيها شهر رمضان المبارك الذي تظهر فيه أعمال الخير بشكل جلي مع ما يميز به من اجواء تراحم وتكافل. 
من القطاع الخاص، ومن بين المؤسسات التي تتبنى الاستدامة نهجاً في برامجها للمسؤولية الاجتماعية، البنك العربي، الذي أكّد الأفكار سابقة الذكر والتي فرقت بين مفهومي : العمل الخيري، والاستدامة في المسؤولية الاجتماعية. 
ومن واقع  تجاربه طيلة سنوات ماضية ومبادرات تنفذ طيلة شهور السنة بما فيها شهر رمضان، وتغطي قطاعات وشرائح متعددة من المجتمع الأردني قال البنك العربي "إن النشاطات والمبادرات التي يتم تنفيذها خلال شهر رمضان المبارك يجب أن تكون مشمولة ضمن برنامج متكامل وخاص بالمسؤولية الاجتماعية لكل مؤسسة. فتلك النشاطات لا يجب أن تكون مبنية على أساس ارتجالي آني أو موسمي فقط خلال الشهر الفضيل، فنشاطات دعم الفقراء يجب أن يكون لها آثار مستدامة طويلة الأمد لا تقتصر على إقامة إفطارات أو تبرعات مالية فحسب وذلك للعمل على تحسين المستوى المعيشي للأسر الفقيرة". 
وأكد البنك العربي في رده على استفسارات لـ "الغد" بان "تبني برنامج خاص للمسؤولية الاجتماعية يساهم في تحسين علاقة الشركات مع الجهات ذات العلاقة وخلق قيم مشتركة.. فعلى سبيل المثال تبني مبادئ المسؤولية الاجتماعية يساهم في تحسين علاقة المؤسسة مع المجتمع المحلي وبالتالي القدرة على فهم احتياجات المجتمع وتلبيتها مما يعمل على تحسين السمعة وتوسيع قاعدة العملاء. كما أن مبادرات المسؤولية الاجتماعية تعمل على تعزيز انتماء وولاء الموظفين للشركة مما يساهم في اجتذاب والحفاظ على الكفاءات العالية من الموظفين. هذا بالإضافة إلى حقيقة التوجه العالمي نحو المسؤولية الاجتماعية للشركات والذي يساعد الشركات على تعزيز علاقاتها خارجياً وبالتالي ابتكار منتجاتها وتحسين النمو الاقتصادي.
وبناء على ما سبق دعا البنك العربي جميع الشركات بالاستمرار بتنفيذ نشاطات ومبادرات خاصة بالمسؤولية الاجتماعية بعد شهر رمضان، وعدم الاقتصار على تنفيذها خلال شهر رمضان وذلك للآثار العديدة الإيجابية التي تتركها تلك البرامج على المجتمع والمؤسسة على حد سواء. 
ومن شركات القطاع الخاص الأخرى التي تتبنى نهجاً للاستدامة في تطبيق المسؤولية الاجتماعية شركة "زين الأردن" وفق مدير الإعلام والمسؤولية الاجتماعية والعلاقات العامة فيها، طارق البيطار، أهمية الاستدامة وتبني مبادرات مسؤولية اجتماعية تحمل طابع الاستمرارية وذلك لإفادة المجتمعات المحلية والاقتصادية كجزء من رد الجميل لهذه المجتمعات التي أسهمت في نجاح شركات القطاع الخاص.  البيطار أكد أهمية تنفيذ المبادرات الرمضانية لما يحمله هذا الشهر من معان وفضائل وقيم، لكنه شدّد على ان تكون هذه المبادرات جزءاً من مبادرات الشركة المتواصلة طوال العام، أو أن تكون هذه المبادرات الرمضانية متكاملة كما ونوعاً توجّه لأكثر من شريحة وأكثر من قطاع وان تعمّ جميع محافظات المملكة، مؤكداً بان شركات القطاع الخاص إذا ما اضلعت كل واحدة بدورها في رمضان وباقي شهور السنة فذلك سيسهم بلا شك في تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة.

 

Views: 436

Comment

You need to be a member of CSR Middle East to add comments!

Join CSR Middle East

© 2024   Created by Dr. Fatih Mehmet Gul.   Powered by

Badges  |  Report an Issue  |  Terms of Service