CSR Middle East, CSR dedicated platform with 3.555 corporate members in the Middle East.

«المسؤولية الاجتماعية».. الترجمة الحقيقية لمبدأ الحقوق والواجبات بين الشركات والمجتم

أدى بروز المسؤولية الاجتماعية على السطح، إلى تصاعد وتيرة أنشطتها، وباتت رقماً مهماً في هيكلة شركات القطاع الخاص، وعنصراً أساسيا في تركيبتها، لما يمكن لها أن تحققه من تكامل على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، وخلق فرص حقيقية للحكومات لتنمية اقتصاداتها المحلية.

فأن تكتفي المنشأة الاقتصادية باستغلال الموارد المتاحة بما يحقق أهدافها الاقتصادية وأرباحها التجارية فقط، دون أن تجعل لها ذراعاً اجتماعيا، ربما لا يكون من سمات شركات القطاع الخاص في هذا العصر، والتي تسعى من خلال المسؤولية الاجتماعية، لتحقيق ضمان الاستقرار الاجتماعي ودفع عملية التنمية في المجتمع والتعاون مع الدولة في تحقيق الأهداف الوطنية وتحقيق التنمية المستدامة، حيث أثبتت المسؤولية الاجتماعية للشركات، قدرتها على توفر فرص نجاح حقيقية للحكومات.

وما يشهده العالم اليوم من تحول ملموس تجاه تزايد الدور الاقتصادي الذي تتولى القيام به مؤسسات القطاع الخاص، انعكس تأثيره على تقلص سيادة معايير الربحية بوصفها مقاييس أحادية للنجاح، إذ أثرت فيها التغيرات والظروف الاجتماعية والبيئية، وخلقت وظائف أخرى للشركات، تتركز حول مسؤوليتها تجاه المجتمع الذي تعمل فيه، وتسعى لتحقيق الأرباح من خلال نشاطاتها داخل ذات المجتمع.

وتتمثل المسؤوليات في الاهتمام في بعض الجوانب الاجتماعية، من ناحية العاملين والمستهلكين والمواطنين والبيئة المحيطة والمجتمع بصفة عامة، وهو ما قاد إلى قيام الشركات بتمويل بعض المناشط، التي قد لا يتحقق منها عائد مباشر، غير أنه يمكن القول، إنها تشكل ضماناً لاستمرار الشركة في مجال الأعمال على المدى الطويل.

فاكتساب ثقة الجمهور ورضا المستهلكين يعمل مساعداً في خدمة أهداف المنشأة الاقتصادية، ومن ذلك، فلابد للمنشأة أن تساهم في تحقيق رفاهية المجتمع عن طريق تحسين الظروف البيئية والحد من الآثار السلبية التي يسببها نشاطها للبيئة المحيطة، عن طريق تقليص الأخطاء بأي قدر ممكن، وتحقيق التنمية الاقتصادية، في حين تأتي رعاية شؤون العاملين وتحقيق الرفاهية الاجتماعية لهم والاستقرار النفسي، عاملاً سيجعل منهم أكثر إنتاجية من خلال تنمية قدراتهم الفنية والإنتاجية، وتوفير الأمن الوظيفي، والرعاية الصحية والاجتماعية، ما ينعكس بدوره على خدمة نشاط المنشأة.

كما أن مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات، يهدف للنظر في دور مؤسسات الأعمال في المجتمع، وتقوية النتائج الاجتماعية الإيجابية، جراء ما تقوم به مؤسسات الأعمال من أنشطة وممارسات داخل مجتمعاتها، ومن الناحية العملية، فالكثير من طرق ممارسات المسؤولية الاجتماعية من قبل بعض الشركات، تجد دافعها من اهتمامات المستثمرين والشركات والمستهلكين القائمين في الدول الأكثر ثراء على مستوى العالم.

ومن هنا، فإن المسؤولية الاجتماعية للشركات، تعد الترجمة الحقيقية لمبدأ الحقوق والواجبات، وتضييق الفجوة بين الأثرياء والفقراء كأساس للنهوض بالمجتمع في مجالات قد لا تستطيع الدولة التدخل فيها، فيما يعتبر تدخل القطاع الخاص أكثر مرونة وفاعلية، ومن ناحية أخرى فإن تلك المسؤولية، دليل على الانتماء للمجتمع، وترجمة حقيقية لانصهار كل من أفراد المجتمع والشركات الاقتصادية والدولة ورجال الأعمال في عمل مشترك متكامل.

ولتطبيق المسؤولية الاجتماعية من قبل القطاع الخاص عوائد كثيرة، تتمثل في تحسين الأداء المالي للشركات، وتخفيض تكاليف التشغيل، وتعزيز صورة العلامة التجارية وسمعتها، وتعزيز المبيعات وولاء العملاء، وزيادة الإنتاجية والجودة، وزيادة القدرة على جذب الموظفين والاحتفاظ بهم، وتخفيض الرقابة التنظيمية، ومعرفة ما يفكر به المجتمع المحيط بالمنشأة، وتصحيح سوء الفهم الموجود لدى المجتمع عن الشركات، إضافة إلى تطوير فهم أفضل للمسائل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المحلية والوطنية، والاتصال مع مختلف المنظمات الموجودة في المجتمع المحيط بالمنشأة.

وعن مدى وضوح مفهوم المسؤولية الاجتماعية لدى الشركات، أظهرت نتائج إحدى الدراسات الميدانية المتعلقة بالمسؤولية الاجتماعية، والتي أجريت على عدة شركات سعودية، أن هناك تأييداً واضحاً من قبل القائمين على هذه الشركات لخلق فكرة ومبدأ التكافل الاجتماعي بين شرائح المجتمع، حيث ركزت المفاهيم الأساسية عن المسؤولية الاجتماعية عند أصحاب تلك الشركات على خاصية مهمة، هي اعتبار المسؤولية الاجتماعية بمثابة حق المجتمع يجب على الشركات أن تتكفل به، وتعمل على تفاعله في المجتمعات المحلية.

ويعني ذلك أن تلتزم الشركات بتقديم برامج للمجتمع مع مراعاة اعتبارات اجتماعية وأخلاقية، في الوقت الذي يشير فيه مختصون إلى أن برامج خدمة المجتمع في الشركات ليست تطوعية بل هي واجب وفرض يمليه الانتماء إلى الوطن، مطالبين بضرورة أن تكون جزءا من ثقافة المجتمع ومؤسساته للوصول إلى الأهداف المرجوة.

كما يشير خبراء إلى أن المسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص، هي كل ما تقوم به الشركات، أياً كان حجمها أو مجال عملها، طواعيةً من أجل تعظيم قيمتها المضافة للمجتمع ككل، وأنها مسؤولية كل شخص في الشركة وليست مسؤولية إدارة واحدة، أو مدير واحد، وتبدأ من التزام الشركات بالقوانين المختلفة خاصةً ما يتعلق بحقوق العاملين، والحفاظ على البيئة، إلى أن تصل إلى تنمية المجتمع.

وبالتوازي مع ذلك سعى عدد من المؤسسات الخيرية، وجهات حكومية مثل الهيئة العامة للاستثمار إلى إقامة الملتقيات والمناسبات والورش المتخصصة لتكريس هذا المفهوم لدى القطاع الخاص السعودي، وإيضاح تأثيره الإيجابي في القطاع والمجتمع، إلى جانب إقامة عدد من الجوائز، والمؤشرات الخاصة التي تبرز تفوق الشركات في جانب بيئتها العملية، وأعمالها المؤثرة في خدمة المجتمع، ومكافأتها، وذلك لتحفيز باقي الشركات والقطاعات على القيام بدور أفضل لخدمة المجتمع وتحقيق التنمية المستدامة في البلاد.

ويؤكد باحثون أن أمام الشركات السعودية فرصة ذهبية لكسب ولاء الجمهور والعاملين، وتسويق منتجاتها بشكل أفضل عبر إتباع نهج المسؤولية الاجتماعية، الذي سيكون ذا مردود مزدوج، فكما أنه يعود بالفائدة على المجتمع فإنه مفيد للشركة أيضًا.

ويؤكد المختصون أن إنجاح خطط المسؤولية الاجتماعية مرهون بإصدار قوانين وتشريعات ووضع معايير وممارسة آليات رقابية ورادعة تدعم هذا المفهوم في القطاع الخاص.

 

Views: 185

Comment

You need to be a member of CSR Middle East to add comments!

Join CSR Middle East

© 2024   Created by Dr. Fatih Mehmet Gul.   Powered by

Badges  |  Report an Issue  |  Terms of Service